وصفة حقيقية لتطيل من عمرك
هل كان شهر ماي شهر طويل أكثر من اللازم أو أن الأمر لا يعدوا أن يكون مجرد تراند على منصات التواصل الاجتماعي؟
في هذه التدوينة القصيرة سأحاول ان أفسر ظاهرة أساسية حول إحساسنا بالوقت والزمن والآجال وسأعطيك وصفة حقيقية لتطيل من عمرك ( نعم، كما سمعت ستزيد من عمرك كما تريد و كما تشاء)
لكن قبل أدخل في الموضوع، دعني أسألك. هل بدى شهر ماي طويلا بالنسبة لك؟ هنا أسألك عن تصورك وعن إحساسك..
عن نفسي كان هذا الشهر بالنسبة لي بمنزلة سنة كاملة وليس شهرا فقط كان طويلا وعريضا بشكل استثنائي..
أعرف ما يدور في ذهنك هي نفسها 31 يوما كباقي أشهر السنة (+/- يوم واحد) ولم يتغير أي شيء في عدد الأيام والساعات والدقائق..
لكن ما الذي يجعل شهورا تبدوا طويلة وما الذي يجعل أخرى تبدوا أقصر؟ هذا هو السؤال الأساسي والمهم هنا..
إليك بعض ما يقوله العلم في الموضوع:
- الوقت اصطلاح ثقافي واجتماعي وليس له أي وجود مادي خارج عقولنا..
- دماغنا هو المسؤول عن معالجة مسألة الوقت، ولديه “ساعة داخلية” تتضمن شبكات عصبية معقدة..
- هذه “الساعة الداخلية” موجودة في العديد من الحيوانات وتعمل منذ سن مبكرة..
- لا توجد على مستوى عقولنا باحة أو منطقة مرتبطة بالوقت، لكنها تنشط مع الباحات الحسية الآخرى : البصر والسمع و التذوق والشم واللمس والعاطفة..
- إدراك الوقت دخل عقولنا مسألة ذاتية وليس شيء موضوعي مضبوط أي أن نفس المدة يمكن أن يراها أحد ما طويلة والآخر يراها قصيرة..
- خير مثال على هذا: الفرق بين الكاري والمكتري في اداركهما للآجال سداد أو استخلاص واجب الكراء. المكتري تشعر ان آجال الكراء متقاربة وصاحب المحل يراها متباعدة.. نفس الشيء نقوله بالنسبة للأجرة بين الموظف وصاحب العمل..
- هناك علاقة وطيدة بين السن وبين إدراك الوقت: كلما تقدمنا في السن كلما تسارعت أيامنا..
- هل تتذكر العطلة الصيفية لما كنت صغيرا؟ كم كانت مدتها؟ كانت طويلة، أليس كذلك؟ أما الآن؟ نعم، تبدو قصيرة.. لكن لماذا؟
- ادراكنا للوقت شأنه شأن أي شيء آخر ندركه بواسطة عقولنا ولا يختلف عنها في شيء.. عقلنا يشتغل دائما بنفس الميكانيزمات الكلاسيكية: يحب الاختصارات، يشتغل بالارتباطات العصبية، يحب السببية في الأشياء المنطقية، ويحب المشاعر والصور في الأشياء غير المنطقية.. لكن ماذا يعني كل هذا بخصوص موضوعنا؟
- ببساطة شديدة: كلما كانت عدد الصور الذهنية في مدة معينية كثيرة كلما أحسسنا بأن الوقت أطول، والعكس بالعكس.. إذا فهمت قصدي فأعد نفس الجمع بصيغة المشاعر..
- نعم، أحسنت .. كلما كانت تجارب مشحونة بالمشاعر في مدة معنية كلما بدأت أطول، بينما الأيام المملة والمتشابهة تمر بسرعة..
- الخلاصة هنا هي أن الانطباع الواعي بمرور الوقت يختلف باختلاف العمر والمزاج والعواطف والذاكرة والتوقعات والأنشطة، ومن فرد إلى آخر..
- الانتباه هو أيضا عامل مؤثر. عندما تمنح قيودًا زمنية لأداء نشاط ما، تزداد مخاطر الأخطاء، لأن جزءًا من الانتباه يتم تحويله عن التمرين لإدارة الوقت؛ على العكس من ذلك، يبدو أن الوقت يمر بسرعة أكبر إذا كنت منخرطًا في نشاط يتطلب منك أن تكون منتبهًا جدًا..
الجائزة الكبرى: كم من سنة تريد أن تضيفها لعمرك؟ كم تريد أن تعيش؟
مرة أخرى أسمعك تقول: الأعمار بيد الله، إذا جاء الأجل ولا يؤخر ساعة، ورفعت الأقلام وجفت الصحف.. كلها صحيح إذا أحسنا فهمه بشكل جيد: - تكلمت على الإحساس بالوقت وليس تغيير الوقت فعليا فهو كما قلت ليس موجودا لكي نتحكم فيه.. وإنما نتكلم عن مفهوم قوي في ديننا وفي ثقافتنا وهو البركة..
- البركة هي مضاعفة الحسنة عشرا أو مئة من مثلها.. وهذا وارد جدا وإليك كيف تزيد البركة في وقتك وعملك وعمرك:
- قدم لعقلك الكثير والكثير من الصور الجديدة غير المألوفة.. عن طريق تجربة أشياء جديدة
- تغيير الروتين اليومي
- تغيير الأماكن المعتادة
- السفر
- الانتقال على مدن أخرى أو الهجرة
- تغيير الديكور
- تغيير العمل
- تغيير اللباس
- تغيير في تسريحة الشعر
- علاقات جديدة
- هويات جديدة
- تجارب جديدة
- تحديات جديدة
- مارس الحب بحب
- العودة لمدرجات الجامعة
- تدوين تجارب الحياة
- التحدث عن التجارب للأخرين
- تكرار قصص من حياتك
- أخذ الكثير من الصور
- تخليد الصور بنشرها أو طباعتها
- كتابة مشاعرك حول كل تجربة
- القراءة
- تغيير أنماط القراءة
- تجربة أنماط جديدة من القراءة
الآن كم سن ستظن أنك ستعيش بعد كل هذا؟ أعرف أنك تخيلت كل هذا وربما تنهدت لما وجدت نفسك تسبح بخيالك في كل تجربة..
عن نفسي عمري 4100 سنة فقط انتقلت فيها من قصور روما القيصرية إلى برودة ألمانيا لما تعصبت لحركة مارتن لوتر كنيغ وصمودي ضد الدولة الأموية وثورتي على العباسيين وتضامني مع حشاشي حسن الصباح وأنني وأكتب رسائل من تحت الأرض الروسية وانبهاري بالمضطهدين من أصحاب فيكتور فرانكل وإصابتي بوسواس تيسلا وهوس مارك توين ونابليون بونابارت وغيرهم..
أنا كل عاهرة قرأت لها وكل صوفي أطربي وكل قائد ألهمني وكل مفكر أنار بصيرتي وكل رجل وامرأة فتح قلبه لي وكل قهوة ارتشفتها وكل صفحة قرأتها..
وكما أوجز ابن عربي:
لقد صار قلبى قابلا كل صورة * فمرعى لغزلان، ودير لرهبان
وبيت لأوثان، وكعبة طائفٍ * وألواح توراة، ومصحف قرآن
أدين بدين الحب أنى توجهت * ركائبه، فالحب ديني وإيماني
فكم عمرك؟ و كم تريد أن تعيش؟